الاثنين، 20 سبتمبر 2021

المحتوى التقني العربي الهزيل

 المحترف وحوحو وسيمو والربح من الانترنت 


قد يستغرب البعض من كتابتي لهذه المقالة وأنا شخص متخصص في علوم القرآن وارتباطها بحياتنا، ولكن لا داعي للاستغراب فالقرآن الكريم يُعلمنا أن نكون من المتقين، والمتقين هم الذين يتعلمون أصول الحماية والأمن والتأمين بقدر الإمكان والأخذ به، ويُركزون على استقبال المعلومات الصالحة والنقيّة، وسأتحدث الآن عن موضوع طالما أردت الكلام عنه.




اشتهر في السنوات الماضية يوتيوبرز عرب في مجال التقنية والانترنت، بالنسبة لي كنت أتابع مواضيعهم وأدرس وأحلل نتائج أعمالهم لأني كأي شخص يريد التقوى والوقاية في الانترنت، وكان من أبرزهم أمين رغيب ومدونته المحترف، وحوحو للمعلوميات، وماتريكس ٢١٩ وسيمو لايف ومشروح وغيرهم الكثير، سأحلل الآن نتائج ذلك الطرح العربي وتأثيره على عقلية ونفسية الشباب العربي، وآثار المحتوى الذين يُقدّمونه على حياتهم الشخصية وإضعافه لحصناتهم النفسية والاجتماعية.



أولاً: مواضيع بها أكل أموال الناس بالباطل وسرقة حقوقهم

لطالما يجد الباحث العربي في شبكة الانترنت وخاصة اليوتيوب مواضيع عن احصل على برنامج كذا مدى الحياة، قم بتحميل برنامج أو تطبيق كذا دون شراءه، وهكذا ولّدت هذه الثقافة استحلال أكل مال الناس بالباطل، فنادراً ما تجد أحدهم يُحذر من استعمال برامج غير أصلية أو غير مدفوعة الأجر، وكأنهم بدل تزكية جمهورهم ومتابعيهم باتوا يؤكدون لهم الحرام ، إن الجمهور العربي من أكثر الجماهير في الانترنت استعمالاً لبرامج وتطبيقات مسروقة أو غير مدفوعة، ويتحمل جانب كبير في المسئولية مشاهير التقنية العرب مثل المحترف وحوحو وغيرهم.


ثانياً: إسالة لُعاب الشباب بالربح من الانترنت

ما أكثر نوعية الفيديوهات في اليوتيوب التي يسيل لها لعاب الشباب العربي من أمثلة الربح من الانترنت واربح عشرين دولار في ساعة، واربح ألف دولار في شهر ونم واحلم بربح سبعين دولار، ما أشبه هذا الطرح بطرح قانون الجذب في التنمية البشرية بقولهم تخيل المال ينهمر عليك وسينهمر، كلها قناعات تؤكد الكسل والتراخي الفكري الذي يعيشه الشاب العربي والحاجة للربح السريع دون أن يجتهد في نقطة بعينها ويصبح فاعلاً ونافعاً ومؤثراً فيها، وأغلبها عبارة عن هدر تركيز وطاقة الشباب في مختلف المواقع التي لا يحصدون منها في النهاية سوى تضييع أعمارهم في الجري وراء هذا الموقع وذاك دون أن يخرج الشاب المتابع لهم بمشروع حقيقي لنفسه، ولو بحثت ستجد على سبيل المثال أشهر فيديو لأمين رغيب الذي حصد ٢٠ مليون مشاهدة هو ( هكذا ربحت عشرة آلاف دولار من الانترنت في شهر واحد) ويدخل ملايين الشباب العربي ليكتشفوا كيفية ذلك، فإذ بهم يصبحون سلعة ولعبة في يد شركات تزيد ربحها باوقات الشباب العربي المتفرغ، إنها تماماً مثل قانون الجذب وتخيل أنهار من الأموال تفيض عليك دون أن يكون لك مكان حقيقي ونافع في هذا العالم.


ولذلك لم يحصدوا هم أنفسهم من هذا المحتوى والطرح إلا زيادة في الفقر، وإياك أن تعتقد أن غنياً سيضيع وقته ووقت جمهوره بموضوع اربح ألف دولار من الانترنت، إن الأغنياء يُثمنون وقتهم وعملهم، لأنهم يربحون منه أضعاف تلك الدراهم المعدودة التي يربحها أولئك الذين يدّعون الربح من الانترنت.


ثالثاً: تعليمهم الاختراق بدل التقوى والتأمين

يضج المحتوى العربي الخاص بالتقنية بمواضيع مثل اخترق حساب الفيس بوك، أو طريقة مضمونة لسرقة ايميل او واتس أو حساب، أو كيف تصبح هكر محترف ، وكأن أولئك المتحدثين بأصبحوا مخترقين محترفين وينشرون تلك الثقافة بين عامة الناس، إن الاختراق والهكر هو مجال جماعي قبل كونه فردي، وجميع أو أغلب محاولات التهكير أو الاختراق العالمية هي سعي جماعي وليس فردي، وما اختراق الجهات الصينية للمؤسسات الامريكية إلا أكبر مثال على صعوبة هذا المجال وحاجته لتكوين جيوش الكترونية جماعية لتحقق نتائج، أما ذلك الاختراق البسيط الصغير فهو دوماً بسبب غفلة الشخص على تأمين حسابه وعدم الانتباه جيداً لثغراته، ولذلك فإن أولئك الشباب المشاهير في مجال التقنية صاروا يُلهون الشباب العربي بمواضيع الاختراق التي لا تزيدهم إلا ضعفاً وهشاشة وفقراً على فقرهم، بدل تعليمهم أصول الحماية والتأمين وحفظ البيانات، والتعاون على التقوى، لأن التأمين أيضاً يحتاج تعاون، تعاون جماعي وليس سلوك فردي، ألم يقل الرب سبحانه ( وتعاونوا على البر والتقوى) فالوصول للتقوى أي الحماية والحصانة يحتاج تعاون جماعي بين الأفراد والشركات، حتى يتمكنوا من حماية بياناتهم وحركتهم داخل الانترنت، ولذلك لم يحصد أولئك الشباب المشاهير من محتواهم هذا إلا اختراق والحكومات لهم، لأنهم يحصدون ما يزرعون، فتجدهم في حالة خوف أو تربص من أن تؤذيهم حكوماتهم أو تضرهم بشيء.


رابعاً: إشعال فضول متابعين بموضوع الانترنت المظلم

يستمر مسلسل الضياع والهبوط النفسي الذي يعيشه أولئك التقنيون العرب، وذلك عبر تنويع محتواهم إلى نوع أخر أكثر إثارة لتلك الجماهير التي لا تملك سوى الوقت لتنفقه في ما لا يزيدهم تقوى وبراً ونفعاً، ولذلك يطرحون لهم مواضيع من أمثلة الديب ويب أي الانترنت المظلم ومدى فداحة الإجرام فيه، وكما نهى الرب سبحانه آدم وزوجه عن الاقتراب من الشجرة وعدم الأكل منها وأحل لهما جميع أشجار الجنة، ظل أولئك التقنيون إلا من رحم الله يشعلون في عقول الشباب الأكل من الشجرة الفاسدة، شجرة البيانات الفاسدة التي تُظهر السوءة والعورة في الإنسان بعد الأكل منها والإطلاع عليها، إنه طريق يشبه طريق المخدرات ويتطلب فقط صديق سوء واحد يتحدث أمام كاميرا ليضل معه ملايين الشباب.


خامساً: تقديم محتوى غير صالح أو احتيالي يُسيء لسمعة العرب

دائماً ما تجد مواضيع في اليوتيوب العربي احتيالية لكي تضحك على جوجل أدسنس أو تضحك على موقع كذا بحيلة، ويتفننون في مثل هذه المواضيع، وبالتالي بدأت المواقع العالمية واليوتيوب في تشديد سياستها تجاه الجمهور العربي نظراً لكثرة عمليات الاحتيال التي تأتي من طرفهم، والسبب في ذلك مشاركة أولئك المشاهير في مثل هذا التوجه الفاسد، ومنذ سنوات لم أجد ضالتي عندهم، وكنت أبحث عن مواضيع تأمينية متعددة ولا أجدها ضمن محتواهم، وبدأت أرى أن محتواهم في غالبه غير صالح ، والقليل منه فقط يصلح، وحينما رأيتهم يتحدثون على مشاكلهم الشخصية ومخاوفهم وأزماتهم علمت أن هذا كل ثمرة عملهم ونوعية طرحهم، فما تزرعه تحصده، وإياك أن تظن أنك ستحصد شيئاً لم تزرعه، لكنك لم تستطع إدراك أنن هذا مرتبط بذاك.

0 التعليقات

إرسال تعليق